الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

قوتكِ في ضعفك

سميرة زهيمة

مقالة

تاريخ النشر: 2025/07/15
اقرأ للكاتب
بسم الله..
قبل أيَّام قرأت كلمة عظيمة كتبتها إحدى الأخوات على بداهتها جليلة المعنى، قالت:
"وضوح الطريق لا يعني سهولته!"..
من السهل أن أصف لك طرائق الحكمة في التعامل، وكيف تكون المرأة زوجا طيّعة، وأمّاً حانية، ومربية واعية، وطالبة علم حريصة، لكن سهولة الوصف لا تعني سهولة تحققه!
لا أقول هذا لأُؤيسك، لكن لأقرِّرَ في نفسك أن القُّرب لا يعني سهولة التَّناول، وأنَّك إن أردت أن تكوني المرأة الجامعة فلن تكونيها إلا إن أعطيت من نفسك أكثر مما تأخذين لها!
إذا تَقرَّر هذا المعنى عندك فالذي بعده هيّن..
استعيني على كثرة الشواغل بتنظيم وقتها، فما كان لزوجك فهو له لا ينازعه فيه شاغل اللهم إلا ما قد يعرض مما لا مندوحة فيه لضرورته الموقوتة!
وما كان لولدك فهو على مراتب، فليس من كانت حاجته منك الإشباع حسّا ومعنًى كمن زاد عليهما بحاجة عقله، فتأملي ذلك فهاهنا موطن التزايل بين الأمّ الوالدة وبين الوالدة الأم!
ثم انظري ما أنتِ مسؤولة عنه من أمر بيتك واحتسبي أجر تلك الرَّتابة التي كتبت علينا، فهي والله رتابة لذيذة، ولعل ما يرهقنا منها هو عين ما يُسعدنا..
وأما صلة الأقارب فمستَقِلٌّ منها ومستكثر، وهي إن وزنت بميزان القسط كان الذي لكِ منها أكثر مما عليك..
فالأصل أن تكون على حدٍّ لا يكون التأخُّر عنه قطيعة ولا المبالغة فيه مضيعة، فلك من الزيارة ما كان واجبا أو مستحبا استحبابا شديدًا، أمَّا ما كان الأمر فيه على الإباحة، فلكِ في تركه سَعة، فليس الإحسان في كثرة المواصلة إنَّما في كيفيتها وحسن أداء حقها.
فهذا الباب واسع، ولنا معاشر النساء فيه مذاهب، ولكلِّ مذهب حجته، فالمكثِرَاتُ حجتهنَّ في ذلك أنَّها صلة رحم، وصلتها صلة لله، والمقلَّات منهنَّ يرينَ أن ما يترتب على الإكثار من الإثم أكبر مما يترتب عليه من النفع، والحقُّ فيما أشرت عليك فيه، ألاّ تكون قطيعة تقطعك عن الله، ولا صلة تنسيك حقه سبحانه.
أما طلبُ العلم فلا أظنّ أن المُلك الذي أوتيتِه يرضى بأن يكون طلبُ العلم منازعا له، ولا أنَّ العلم يمكث في أرض لا يكون هو ملكها ومالكها، لكن في التعلم ورفع الجهالة عزاء عن النبوغ والتحقيق للعلم، فسددي وقاربي ولا تعجزي، استعيني بالله ثم بما يسَّره سبحانه من وسائل تقرِّب العلم وتسهِّل حَزَنه، فبُعد الحلقاتِ في الواقع تقرِّب وجودها المواقع، والبرامج التي يحجز بينك وبين شهودها بُعد الشُّقة، يطوي ما بينك وبينها من بُعدٍ شهودها عن بُعد، والكتاب الذي شغلك عن قراءته "الطبخ والنفخ والغسل"، تكفيك هم قراءته سمّاعة أذن تقرأ لك وتشغلك عن السؤال الوجودي "كيف تكدَّس كل هذا الماعون في الحوض؟!"، بل تجعل من تكدُّسه نعمة نعوذ بالله من نقصانها!
واعلمي أطال الله شبابك وحفظ عليك بهاءه، أنَّكِ أنثى وإن كنتِ والدةً وأُمًّا وربَّةَ بيتٍ وطالبة علم، تحتاج لضعفها لتتقوَّى به، تحتال على الدنيا به، فتُذِلّ بذلك الضعف تلك القوة، وأن تمام ملكك في كمال ذلك الضعف، وأنَّ تطلُّبَ القوة بغيره تطلُّبٌ للمحال وما لا يكون أبدَ الدَّهر، وأنَّ الوعي والفهم والعلم يزيد الأنثى ولا يمسخُها، وأنَّكِ واجدة بضعفك مخرجا لكل ما يعتاص عليك من الأمور، ومهما استكثرت من أسباب القوة فلن تجدي قوة قادرة مثل ضعفك، فتأملي ذلك.
وقبل كلِّ هذا وبعده وفوقه توفيق الله، فإن لم يكن توفيق منه سبحانه، فلا النصح نافع، ولا العمل صالح! فسلي الله من فضله العظيم..
واعلمي أنِّي ما أخَّرتُ الرَّدَّ عليك إلاّ لما تعلمينه من حال الوالدة والأمّ والمربية والمعلمة من كثرة الشواغل التي تحجب بينها وبين الانشغال بغير الأَوْلى!

المصدر: صفحة الكاتبة على فسبك

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  9183