 | شامة الشاممحمد عكره النويري | شعرتاريخ النشر: 2025/07/02 اقرأ للكاتب |
في سَفْحِ جِلَّقَ بين الرَّوْضِ والعِينِ طويتُ حُزني الذي قد كاد يَطويني!
في شامةِ الشامِ، في أمِّ العروبةِ، في مهد الخلافة، في رَوْحِ الرياحينِ
في منبعِ العلمِ إن رُمْتَ العلومَ، وفي أرضِ الرِّباطِ، وأكنافِ الدَّهاقِينِ
وافَيْتُها قلِقًا، والهمُّ يصحَبُني، والوَجْدُ يَتبَعُني، والحُزْنُ يُضْنيني
والذّكرياتُ -وآآهٍ من تذكُّرِها- تَبتزُّني، وتُعنّيني، وتُبكيني
والبَثُّ عامينِ مسجور ومُستعِرٌ مثلَ الكوانينِ أو مثلَ البراكينِ
والطَّيفُ حَوْلَيْنِ في صَحْوٍ وفي وَسَنٍ من كأسه المَذِقِ الخدّاعِ يَسقيني
والبالُ والفكرُ أوْزاعٌ مُشَتَّتَةٌ والدّهرُ يَغْمِطُني قَدْري ويُظميني
حتى وَرَدْتُ ثَرى الفيحاءَ فانفرجتْ كلُّ التَّباريحِ من قَصْوٍ إلى دُونِ!
وعاد شَملي بذاتي، وانْجلى أسَفي، وطاب قلبي بنصرٍ غيرِ مظنونِ؛
إذ كانتِ الشامُ في يأسٍ وفي قَنَطٍ يَسوسُها كلُّ ملعونٍ ومَأْفُونِ
نصرٌ حَسِبناهُ أوهامًا وأخْيِلَةً من وَطْأةِ العجزِ والخِذلانِ والهُونِ
فتحُ الفُتوحِ أتى من غيرِ تَقْدِمَةٍ أجْمِلْ بذلك من فَتْحٍ وتمكينِ
يومٌ لجِلَّقَ مشهودٌ ومُنتظَرٌ يومٌ كخيْبَرَ أو يومٌ كحِطِّينِ
أُبْلِيتُ فيه، ولولاهُ لَمَا برِحَتْ تلك التّباريحُ والآهاتُ تُصْليني!
◇
أكرمْ بقومٍ بهم كان العُلُوُّ على جُندِ الطَّواغيتِ من نَسْلِ الفراعينِ
من آلِ مروانَ، أو أبنا مُعاويةٍ نَفَوْا عن الشامِ أرْجاسَ الشياطينِ
دالتْ بهم دولةُ الطُّغيانِ، وانْقَشَعَتْ غمامةُ السَّوْءِ عن أمِّ البساتينِ
◇
وما دمشقُ وإن غاضَتْ محاسِنُها وأُبدِلتْ بعد تَشبيبٍ بتأبينِ
وعافَها الخلقُ من عُرْبٍ ومن عَجَمٍ وصَوَّحَتْ بعد إزهارٍ وتَلوينِ
إلا مَلاذي، ومَنْجاتي، ومُتَّكئي، ومَفْزَعي، وعَزائي، في الأحايينِ
آوي إليها فأنسى ما أُكابِدُهُ أشكو إليها جِراحاتي فَتَشفيني
أبِينُ عنها وما أنفَكُّ أذكُرُها حُبٌّ سَما عن حُدودٍ أو تَضامينِ
عُلِّقْتُها الشامَ طِفلًا، ناشِئًا، قَدَرًا ورُبَّ حُبٍّ غَريرٍ دُونَ تَلقينِ!
◇
واهًا دمشقُ أراكِ اليومَ زاهيةً زَهْوَ العصافيرِ في مَتْنِ الأفانينِ
واهًا دمشقُ لبستِ ثَوْبَ غانِيَةٍ وزفّكِ الدّهرُ في أبْهى الفساتينِ
واهًا دمشقُ عَلَوْتِ اليومَ شامِخَةً وفاقَ غُنْجُكِ غُنْجَ الخُرَّدِ العِينِ
واهًا دمشقُ وَرِثْتِ العِزَّ ثانيةً وآبَ رِبْحُكِ وَفْرًا غيرَ مَغْبونِ
◇
يا شامةَ الشامِ إنَّ الحربَ ما فَتِئَتْ تُذْكى وتُضْرَمُ بين الحِينِ والحِينِ
يا شامةَ الشامِ والأيَّامُ حاملةٌ أعاذَكِ اللهُ من كَيْدِ الملاعينِ
يا شامةَ الشامِ لا تَغْرُرْكِ مَصْيَدَةٌ فما حليفُكِ عن غَدْرٍ بمأمونِ!
يا شامةَ الشامِ خَلِّ الهَزْلَ واجتهدي فما السلامةُ بالإغْضاءِ والِّلينِ
يا شامةَ الشامِ ما قاسَيْتِ من مِحَنٍ أضْنى فُؤادي، وما يُشجيكِ يُشجيني
يا شامةَ الشامِ دُومي للعُلا أبدًا يا قِبلةَ الشَّرقِ في الدُّنيا وفي الدِّينِ
يا جِلَّقَ الخيرِ، يا مجدًا نُؤَمِّلُهُ، يا سَلْوَةَ الهمِّ، يا مَنْجَاةَ مَحْزُونِ!
دمشق / الثلاثاء ٦ محرم ١٤٤٧هـ |
|