الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

رسائل الأمس القريب

عمار جحيدر

بحث

تاريخ النشر: 2023/05/11
اقرأ للكاتب
مخطوطات مغربية في الخزائن العلمية

(1)

مركز دراسة جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي
الأخ الكريم الأستاذ الدكتور عبد الهادي التازي.
بعد التحية ،،،
حرصاً على الاستفادة من روابط المؤاخاة والتعاون بين هذا المركز، والمعهد الجامعي للبحث العلمي، يطيب لنا أن نفيدكم بأنَّ الأخ عمار جحيدر الباحث بالمركز، قد سجَّل موضوعاً لنيل درجة الماجستير من كلية التربية بجامعة الفاتح تحت عنوان: (مصادر دراسة الحياة الثقافية في ليبيا في العهد القرمانلي 1123 - 1251 هـ / 1711 - 1835م)، وذلك تحت إشراف الدكتور عماد حاتم الأستاذ بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وحيث أنَّ الأخ الباحث يولي اهتماماً خاصّاً للرحلات المغربية الحجازية منذ سنوات، تقديراً لما تسديه للتاريخ الثقافي من إفاداتٍ جيِّدة، فقد جعلها أحد فصول رسالته، وجمع عدداً منها بين مطبوعٍ ومخطوطٍ، ومن بين أهداف بحثه دراسة هذه الرحلات الحجازية، وتقديم ما بها من إفاداتٍ عن الحياة الثقافية في ليبيا في العهد القرمانلي (ملخَّصةً)؛ ونظراً لتعذُّرِ سفره إلى المغرب الشقيق خلال هذه الفترة القريبة، فإنَّنا نؤمِّل فيكم أملاً كبيراً في أن تمدُّوا يد العون له بتلبية المطالب العلمية التالية التي سيبيِّنُها تفصيلاً في رسالته المرفقة، ويطيب لنا أن نعرب عن عميق تقديرنا لتعاونكم معنا سلفاً في دعم هذه الدراسة التي تواخي بين الحياة الثقافية في كلٍّ من ليبيا والمغرب الشقيق، مواصلةً لجهدكم المشكور في كتابكم الممتع (أمير مغربي في طرابلس - أو ليبيا من خلال رحلة الوزير الإسحاقي).
ونحن على استعدادٍ لتسديدِ نفقاتِ التصوير، مالياً أو عن طريق تبادل خدمات التصوير فيما تمكَّنا من جمعه أو تصويره من المخطوطات، وفي مجموعة مكتبة الأوقاف التي ضُمَّت أخيراً إلى المركز.
وفي الختام لا يسعنا إلَّا تقديم أطيِّب عبارات التقدير لما نشاهده من آثار نشاط معهدكم بادياً في مجلَّته ومنشوراته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. محمد الطاهر الجرَّاري
أمين المركز

(2)

بسم الله الرحمن الرحيم
طرابلس في 5 - 6 - 1986م.
الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الهادي التازي.
تحية طيِّبة وبعد.
فبادئ ذي بدءٍ لا يسعني إلَّا الإعراب لكم عن عميق تقديري لجهودكم المخلصة في خدمة المكتبة التاريخية المغربية. وقد تابعتُ كتاباتكم وكتابات بعض الأساتذة المغاربة عن الحياة الثقافية للمغرب في العصر الحديث بكلِّ اهتمامٍ؛ ذلك الاهتمام المنطلق من إيماني العميق بوحدة الحياة الثقافية في مختلف البيئات والأقطار، وخاصَّةً في هذا الجزء الشمالي المتَّصل من إفريقيا الذي زادته رحلاتُ الحجِّ والدراسة وحدةً واتصالاً بين العلماء، والمدارس، والتيارات الفكرية.
ولقد وجدتُ في هذه الرحلات المغربية الحجازية التي دوَّنها علماءُ وفقهاءُ متنوِّعو التكوين والمشارب، ما بين صوفيٍّ مستغرقٍ كأحمد بن ناصر، وأديبٍ شاعرٍ جزلِ العبارةِ كابن الطيِّب الفاسي، وعالمٍ طلعةٍ مهتمٍّ بالكتب والآثار العلمية كابن عبد السلام الناصري ... وجدتُ في ذلك كلِّه مصدراً طيِّباً لا غنى عنه لدراسة الحياة الثقافية لأيِّ قطرٍ من الأقطار مرَّت به تلك الرحلات.
ولست أحابيكم حين أقول إنَّني وجدت في مقالكم (ليبيا لدى الرحالة المغاربة) مفتاحاً ثميناً لكنزٍ مدَّخرٍ طالما تمنَّيت أن يمكِّنني الله من الوقوف على بابه، وستظلُّ الرحلة إلى المغرب شوقاً يعتلجُ في صدري لا أجدُ له شفاءً إلَّا في الخزانة العامة، والخزانة الحسنية، وخزانة القرويين، والخزانة الكتَّانية، وغيرها من خزانات الخواص .. هذه الخزائن التي أتوق إليها وأقرأ عنها ولا أراها ..
وإلى أن تُتاح لي تلك الزيارة المرجوَّة، أجدني مدفوعاً إلى اللجوء إليكم، والاستعانة بكم في نطاق التعاون بين (المركز) الذي أتشرَّف بالانتماء إليه بدءاً وختاماً، و(المعهد) الذي تتولّون شرف إدارته، وهذا لعمري خيرُ ما تضطلع به مراكز البحث من سبل التيسير، فضلاً عن جهودها المشهودة في الكشف والدرس والنشر والتنوير !
واستناداً إلى الرسالة المحرَّرة باسم الدكتور محمد الطاهر الجرَّاري أمين عام المركز، أسوق التفاصيل التالية عن مخطوطات الرحلات التي آملُ الحصول على نسخٍ مصوَّرةٍ منها، تصويراً ورقياً أو على الميكروفلم، وأنتم خيرُ مَنْ يعرف مظانَّها، وقد كنتم أوَّل مَنْ لفت نظري إلى أهمِّيتها وصلتها بليبيا - على وجه الخصوص، علماً بأنَّه قد سبق لي الحصول على نسخةٍ مصوَّرةٍ على الورق من رحلة ابن الطيِّب الفاسي المحفوظة بمكتبة جامعة لايبسك، بواسطة الزميل الكريم الدكتور عماد غانم، وعلى صورةٍ من القسم الخاص بليبيا من رحلة محمد بن عبد السلام الناصري الكبرى (نسخة الخزانة العامة) من الأستاذ الفاضل خليفة محمد التليسي الذي أذن لي بتصويرها، وعلى نسخةٍ مصوَّرةٍ على الميكروفلم من رحلة ابن عبد السلام الناصري الصغرى (نسخة الخزانة الحسنية)، بواسطة الأخ الكريم الدكتور إمحمد بن عبود (المغربي) الذي طوَّقني بفضله، وأهتبل هذه الفرصة ثانية لتحيَّته وشكره.
وذلك فضلاً عن الرحلات المطبوعة العائدة إلى العهد القرمانلي، وهي: رحلة أحمد بن ناصر (1121هـ)، ورحلة عبد المجيد المنالي (1158هـ)، ورحلة أحمد الفاسي (1211هـ)، وقد نشر الأقسام الخاصة بليبيا منها الدكتور علي فهمي خشيم في مجموع (الحاجِّية: من ثلاثِ رحلاتٍ في البلاد الليبية)، طرابلس، 1974. ورحلة الوزير الإسحاقي في كتابكم أمير مغربي في طرابلس، ورحلة الحسين الورثيلاني الجزائري.
وهذه هي الرحلات التي تتعلَّق بموضوع دراستي، ولم أتمكَّن حتى الآن من الاطِّلاع عليها، وقد استبعدت بضعَ رحلاتٍ ضمن هذه الفترة، وجدت إشاراتٍ إلى عدم تعلُّقها بليبيا نظراً لركوب أصحابها للبحر من تونس أو الجزائر.
1 - هداية الملك العلام ... لأحمد بن محمد بن داود الجزولي ... الهشتوكي، وهي رحلته الأولى عام 1096هـ [1]، نسخة المؤلِّف بخطِّه في سفرٍ من حجم طويل بالخزانة العامَّة تحت رقم 190 (التازي، ليبيا لدى الرحالة المغاربة ص 6؛ المنُّوني، المصادر العربية لتاريخ المغرب ج 1 ص 188).
ـــــــــــــ
2 - رحلة الهشتوكي الثانية، عام 1119هـ، بالخزانة العامَّة تحت رقم 147، وهي أيضاً بخطِّ المؤلِّف ثانية مجموع (المنوني نفس المصدر)، ويقول ابن سودة (دليل 2 / 345): (تقع في جزءٍ كبيرٍ وقف عليها الأخ محمد إبراهيم الكتَّاني الحسني بخزانة تمكروت).
[وجدت الصفحة الأولى منها بخطِّه في ترجمته بالأعلام للزركلي، ط 4 ج 1 ص 241].
ـــــــــــــ
3 - نسمة الآس في حجَّةِ سيِّدنا أبي العبَّاس، جامعها الإمام القادري؛ أحمد بن عبد القادر بن علي الحسني الفاسي (ت 1133هـ)، وهذه حجَّته الثانية برفقة شيخه أبي العباس أحمد بن معن، وألَّف برسمه هذه الرحلة. منها ثلاث نسخ مخطوطة، نسخة بالخزانة الملكية تحت رقم 8787 في جزء به 80 ورقة من حجم صغير بخطٍّ مغربيٍّ صحيح، ونسخة بالخزانة العامَّة ضمن مجموع تحت رقم 1418، وثالثة بالخزانة العامَّة تحت رقم 3216 في جزءٍ على حدة. (التازي ص 7؛ المنُّوني ص189). كما وصفها محمد عبد الله عنان في فهرس التاريخ وكتب الرحلات (بالملكية) ص 456 - 457.
ـــــــــــــ
4 - رحلة أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي، الشخصية العلمية الفذَّة. وهي عن حجَّته عام 1101 هـ وبرفقته بعض أفراد الأسرة المالكة، وقد جمعها مرافقه وابنه مَحمد العياشي، ومنها نسخة بالخزانة الملكية تحت رقم 2343 في جزء صغير يشتمل على 54 ص، ونسخة بالخزانة العامَّة ضمن المجموع رقم 1418 المشار إليه أعلاه. (التازي ص 7؛ المنُّوني ص 188).
وبالرغم من تقليل الأستاذ عنان من قيمة هذه الرحلة بالنسبة لموضوع دراستي - على وجه الخصوص (الفهرس ص 438 - 439)، إذْ قال إنَّه لم يذكر بها أحداً ممَّن لقيهم اليوسي من العلماء والصلحاء بالرغم من أنَّه أقام بمصر بضعة أشهر ... إلَّا أنَّني حريصٌ على الاطِّلاع عليها، لربطها بتلك الوثيقة النادرة التي وقفت عليها (بمجموعة الأوقاف) ضمن مجموع صغير بخطِّ المثقف الطربلسي حسُّونة الدغيِّس، نسخه بتاريخ 29 صفر 1241، وتتعلَّق الوثيقة باتصال محمد بن أحمد المكّني بالحسن اليوسي عندما حلَّ الأخير ببلد طرابلس، وقد كتب المكّني استدعاءَ إجازةٍ له ولجماعةٍ من أصحابه في عدَّةِ أبياتٍ، فأجابه ابنه - نظماً كذلك - على لسان والده الذي كان ضعيفاً، بتاريخ 26 شعبان 1101هـ.
ـــــــــــــ
5 - رحلة أبي مدين عبد الله بن أحمد الروداني الدرعي (ت ... / ...) عن حجَّته سنة 1152 / 1739، يقول عنها ابن سودة (دليل 2 / 347): وقف عليها الأخ محمد إبراهيم الكتَّاني الحسني بخزانة تمكروت، فرغ منها سنة 1156 / 1742. منها نسخة بالخزانة العامَّة، وهي نسخة المؤلِّف، ثانية مجموع تحت رقم 297، ص 20 - 280، مع تذييلها بنصوص إجازاتٍ مشرقيةٍ للرحَّالة بخطوط أصحابها، ص 281 - 293 (التازي ص 9؛ المنُّوني ص 189 - 190)، وقد تكون هذه النسخة هي نفسها التي ذكرها ابن سودة.
ـــــــــــــ
6 - رحلة أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الحضيكي (1118 - 1189هـ)، وهي عن حجَّته سنة 1152هـ (أيضاً). استهلَّها بقوله: "أمَّا بعد فالمراد ذكر جملة ممَّن لقيتهم من العلماء الخ". تقع في نحو الأربعة كراريس (ابن سودة، دليل 2 / 348 - 349)، ولرحلته عدَّة نسخٍ، منها نسخة بالخزانة الملكية تحت رقم 405 في 55 صفحة؛ ونسخة أخرى بها أيضاً تحت رقم ز3822 ضمن مجموع؛ وثالثة بها كذلك مصوَّرة على الورق تحت رقم 11048؛ ونسخة بالخزانة العامَّة تحت رقم 896 ورقة 10 - أ / 29 - أ. وقد حللَّها الدكتور عبَّاس الجرَّاري في مجلة المناهل بالعدد 10 ص 58 - 66 (التازي ص 9، المنُّوني ص 229 - 230).
وله (طبقات الحضيكي) .. استوعب فيه جميع أشياخه وأشياخهم مغاربة ومشارقة، وترجم لجماعةٍ لم يسبق التعريف بهم، وهو منشورٌ في جزأين بالمطبعة العربية بالدار البيضاء 1355 - 1358. ومنه نسختان مخطوطتان مصوَّرتان بالخزانة العامَّة د 1123، والملكية ز68 (المنُّوني ص 222 - 223). وتشيرون إلى كثرة اتصالاته ومكاتباته للعلماء في المشرق والمغرب بحيث يستغرب ذلك من طالع مجاميعه وفهارسه وفهارس أصحابه (التازي ص 9). ويذكر المنُّوني أنَّ له كُنَّاشَةً، وهي مجموعةٌ كبرى بها أسانيده وأشياخه المغاربة والمشارقة مع نصوص إجازاتهم له حيث يوجد ذلك متناثراً في الكُنَّاشة بخطِّه وخطِّ ابنه وحفيده وغيرهم، ومنها نسخة بالخزانة الملكية تحت رقم 13003 (ص 228). فهل ترون - بحكم اطِّلاعكم - أنَّ في طبقاته وبقيَّة آثاره إشاراتٍ أو اتِّصالاتٍ بالحياة الثقافية في ليبيا ؟ آمل الإجابة.
ـــــــــــــ
7 - الرحلة الحجازية الكبرى لمحمد بن عبد السلام الناصري (ت 1239 / 1823)، وهي من أهمِّ ما وضعه المغاربة في هذا الفنِّ الذي برزوا فيه وأبدعوا. وهذه النسخة فريدة لأنَّها بخط المؤلِّف وقد فرغ من كتابتها في التاسع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1199 ... وتقع في 225 ورقة، مسجلة تحت رقم 5658 (محمد الفاسي، الخزانة السلطانية وبعض نفائسها، مجلة البحث العلمي، حلقة 2، العدد 4 - 5 يناير - غشت 1965، ص 72.)، كما توجد نسخة مصوَّرة بالخزانة العامة تحت رقم 2651 (التازي ص 10)، ويذكر عنان نسخة أخرى بالملكية أيضاً، ويبدو أنَّها بخط المؤلِّف كذلك، تحت رقم 6904 (الفهرس ص 446).
وقد تمكَّنتُ من الاطِّلاع على القسم الخاص بليبيا من هذه الرحلة، كما سلف القول، في صورةٍ لدى الأستاذ التليسي عن نسخة الخزانة العامة. ولكن نظراً لأهمية هذه الرحلة الكبرى بالنسبة لموضوعي - إذ تكاد تُعَدُّ أفضل الرحلات المغربية في هذا الجانب - فإنَّني أطمح إلى الاطِّلاع على نسخة المؤلِّف المحفوظة بالملكية، خاصَّةً وأنَّ الصورة التي لديَّ بها كثير من الطمس في بعض المواضع. أمَّا الرحلة الصغرى فإنَّني مدينٌ بفضل الاطلاع عليها للأخ الكريم د. إمحمد بن عبود كما أشرت إليه أعلاه.
ـــــــــــــ
8 - رحلة المنى والمنَّة لصاحبها ومنشئها الطالب أحمد المصطفى بن طوير الجنة [الشنقيطي]. وهي رحلة حجازية بدأها سنة 1246 [2]، واستغرقت حوالي خمس سنوات، وبالرغم من ركوبه البحر في الذهاب، وعدم مروره على ليبيا، إلَّا أنَّه فضَّل العودة برّاً من الإسكندرية إلى طرابلس، ومنها ركب البحر إل صفاقس.
"ولسان المؤلِّف رطبٌ بالثناء على أهل مدينة ابن غازي، فقد وجد فيهم كلَّ ما كان يرجوه من تقديرٍ لأهل العلم واهتمامٍ بأقوالهم وأفعالهم وما ينشرون في الناس من فتاوى وأفكار وكتب ورسائل. واستجابة لطلب أهل هذه المدينة كتب لهم رسالة سماها (فيض المنان في الرد على مبتدعة الزمان)، وهو يعني بالمبتدعة طائفة سماها (المعتزلة) ... ولقي هذا الكتاب اهتماماً ملحوظاً من قبل أولي الأمر بالمغرب ... (عبد القادر زمامة، رحلة من القرن 13 هـ / 19 رحلة المنى والمنة ...الخ، مجلة البحث العلمي، ع 28، يوليوز - دجنبر 1978م ص 291 - 304).
ويزيد في أهميَّة هذه الرحلة بالنسبة لموضوعها أنَّها كانت في نهاية العهد القرمانلي، كما أنَّ إفادتها عن الحياة الثقافية في بنغازي جديرةٌ بالتنويه لقلَّة الإفادات عنها خلال هذه الفترة. ويذكر العبَّاس بن إبراهيم في ترجمة ابن طوير الجنَّة (الإعلام، ج 3 ص 261): أنَّه لمَّا وصل إلى طرابلس الغرب لقي من علمائها قاضيها البنغازي. [3].
وقد وقفت بدار المحفوظات التاريخية بطرابلس على رسالة توصيةٍ بابن طوير الجنَّة صادرة عن يوسف باشا القرمانلي، وهي مصوَّرةٌ ضمن مجموعة كبيرة من وثائق العلاقات الليبية – التونسية عن الأصل المحفوظ بدار الوثائق التونسية، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ التاجر المغربي المقيم بالإسكندرية المدعو أحمد الغربي الذي لقي لديه ابن طوير الجنَّة كلَّ أنواع المساعدة والمبرَّة والرعاية المادية، حيث صحب قافلته التي تعبر الطريق إلى الأقاليم الغربية برقة وبنغازي وطرابلس (حسب إفادة زمامة ص 301) .. هذا التاجر إنَّما كان وكيلاً (قنصلاً) لطرابلس بالإسكندرية، وقد وقفتُ على مجموعة رسائله التي كان يحرِّرها لأولي الأمر بطرابلس وبنغازي لدى (أسرة الفقيه حسن الطرابلسية).
لقد وعد الأستاذ زمامة بنشر هذه الرحلة في خاتمة مقاله: (إذ من المؤمَّل أن تكون هذه الرحلة على موعدٍ مع النور .. إن شاء الله)، وقد ألححتُ في السؤال عن صدور هذه الرحلة منذ سنوات فلم أفز بطائل، ويفيد الأستاذ الفاضل الدكتور أبو القاسم سعد الله، استناداً إلى البحَّاثة المغربي الأستاذ محمد المنُّوني بحصول الخزانة العامة بالرباط على نسخةٍ مصوَّرةٍ من الرحلة. (د. سعد الله، حول رحلة ابن طوير الجنة، فصلة من مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مج 54 ج 3 ص13)، كما يناقش الترجمة الإنجليزية التي قام بها الدكتور نوريس لهذه الرحلة.
لعلي أطلت ... ولكنَّ المؤمَّل حقّاً حصولي على نسخةٍ من الرحلة المطبوعة إذا قُيِّضَ لها النشر، أو على صورةٍ من نسخة الخزانة العامة المخطوطة المصوَّرة. كما أنَّني حريصٌ على الحصول على نسخةٍ من مخطوط (فيض المنان) لعلاقته ببنغازي. ويشير الأستاذ زمَّامة إلى وجود عدة نسخٍ مخطوطة منه في خزائن خاصَّة وعامَّة.
ولا أدري مدى صلة هذا الكتاب ومؤلِّفه بذلك المخطوط (المذكرة) الذي يشير إليه الدكتور إبراهيم حركات (التيارات السياسية والفكرية في المغرب خلال قرنين ونصف قبل الحماية، الرباط 1985، ص 69) بنفس العنوان، ويجعل مؤلِّفه باسم أحمد المراكشي المعروف بطوير الجنَّة ؟ مشيراً بالهامش إلى خزانة المرحوم عبد الرحمن بن زيدان وابن سودة (دليل 2 / 447)، ونجد لدى الأخير أنَّه: (تأليفٌ في إنكار البدع وما عليه أصحابها من الاجتماع على الرقص والطبول والنفخ في المزامير، لأبي العباس أحمد بن محمد المرنيسي المتوفى سنة 1277 يقع في عدَّةِ كراريس ويوجد ضمن مجموعٍ بالخزانة الزيدانية)؟
فهل هما كتابٌ واحدٌ لمؤلِّفٍ واحدٍ، أم كتابان متباينان لمؤلِّفين اثنين خلط بينهما الدكتور حركات على هذا النحو، فأعطى للمؤلِّف لقب (طوير الجنَّة) الذي لا نجده لدى مصدره ابن سودة، كما نجد لديه نسبة المراكشي، ولدى ابن سودة نسبة المرنيسي. وفي حين يسكت العباس بن إبراهيم في (الإعلام) عن تاريخ وفاة ابن طوير الجنَّة نجد الدكتور سعد الله يعطي سنة 1256هـ تاريخا لوفاته، أمَّا ابن سودة فيجعل وفاة صاحبه العاري عن هذا اللقب سنة 1277هـ / 1860م.
هل تستحقُّ رحلة ابن طوير الجنَّة التي أثارت بعض الشكوك عن صلته بالفرنسيين في الجزائر، والإنجليز في جبل طارق .. كلَّ هذه التفاصيل في رسالةٍ شخصيةٍ موجزة ..؟ لست أدري، ولكنَّها مطالب البحث العلمي .. وآمل أن نظفر في رحلته بما يناسب شوقي في انتظار الاطِّلاع عليها.
ـــــــــــــ
9 - رحلة حجازية للعيني السوسي؛ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المسكدادي التيزركيني (ت نحو أواسط 1199 / 1785)، وكانت حجَّته عام 1198. لا تزال مخطوطة ولها ملخَّص في المعسول 13 / 284 - 298 (المنوني ص 230)، ولم يشر إلى مخطوطاتها.
وبمراجعة المعسول وجدت أنَّ الرحَّالة قد ركب البحر في ذهابه من جربة إلى الإسكندرية، وقد يكون عاد برّاً لأنَّه اشتكى من هول البحر في ذهابه. ولكنَّ صاحب المعسول يعطي إشارة جيِّدة عندما يقول (ثم ذكر ابن عبد الصادق شارح "المرشد"، وأنَّه رأى له كتاباً أدبيّاً عجيباً). 13 / 296.
فهل يعني علي بن عبد الصادق الطرابلسي شارح المرشد المعين أم يعني غيره، وما هو هذا الكتاب الأدبي العجيب ؟ أرجو توضيح الأمر وتصوير هذا الموضع من الرحلة إذا أمكن.
ـــــــــــــ
10 - يرد ذكر (الفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الصادق الطرابلسي) لدى الناصري (الاستقصاء ج 8 ص 7)، ضمن مجموعة من العلماء الفقهاء كتبوا للملك محمد بن عبد الله (محمد الثالث) المغربي بجواز قبض المال من الرعية لاستخدام الجند.
هل هذه الشخصية العلمية مغربية .. أم تمتُّ بصلةٍ لعلي بن عبد الصادق، خاصَّةً وأنَّه وُصِفَ لدى الناصري بالطرابلسي، وأين توجد ترجمة هذا العالم بين المصادر المغربية المتاحة؟
ـــــــــــــ
11 - يشير الشيخ عبد الحيِّ الكتَّاني في كتابه الحافل (فهرس الفهارس ج 1 ص 351 من ط 1)، في خاتمة ترجمته لأبي العباس أحمد ... الطبولي الطرابلسي، إلى إجازة حسُّونة الدغيِّس الطرابلسي الوارد على فاس سنة 1246 لأبي محمد التهامي ابن المكي بن رحمون عن المترجم المذكور أعلاه.
هل يمكن الاهتداء إلى هذه الإجازة وتصويرها .. وكيف السبيل إلى الاستفادة من المكتبة الكتَّانية الغنية بالمخطوطات والوثائق، وخاصَّة الإجازات التي يذكر المؤلِّف نفسه امتلاكه للكثير منها ... أعني هل ثمَّة فهرس لوثائق المكتبة الكتَّانية؟
كما يذكر الشيخ الكتَّاني أيضاً (ج 1 ص 410) أنَّ من بين من رووا عن الشيخ محمد مرتضى الزبيدي من أعلام الطرابلسيين (الشمس محمد بن غلبون الخولاني، الأندلسي الأصل، الطرابلسي الدار)، وإذ أهمل الزبيدي ابن غلبون المذكور ولم يترجم له في معجمه الأكبر (المعجم المختص)، مع مَنْ أهملهم من كبار مشايخه وكبار الآخذين عنه، فقد غلب على ظنِّي منذ سنواتٍ أنَّ الأستاذ الكتَّاني قد اعتمد على إجازةٍ خطيَّة من الزبيدي لابن غلبون، خاصَّةً وأنَّه قد صرَّح بتملُّكه لكثير من إجازاته (مقالي عن ابن غلبون الحفيد، المجلة التاريخية المغربية، تونس، عدد 33 - 34، جوان 1984، ص 54)، وقد صدق ظنِّي أخيراً إذ وقفت على رسالةٍ من الأستاذ الفاضل المرحوم أحمد الطاهر الزاوي إلى الأستاذ المرحوم أحمد الفقيه حسن (الحفيد)، بعث بها إليه من مصر عند اشتغاله بنشر التذكار لابن غلبون (الجدِّ) بتاريخ 28 ربيع الآخر 1349هـ، وفيها يذكر وقوفه على صورة إجازةٍ من الزبيدي لمحمد بن غلبون ... مؤرخة بسنة 1205هـ، وهي قطعاً لابن غلبون الحفيد الذي عاد من رحلته الدراسية (بمصر) في نفس السنة. ولكنَّ الأستاذ الزاوي لم يذكر في رسالته مكان تلك الإجازة، وقد كتبتُ إليه مؤخَّراً بواسطة أحد الزملاء من سكَّان بلدته [4] أسأله عنها وأذكِّره برسالته القديمة، ولكنَّ المنيَّة اخترمته أخيراً قبل أن أظفر بجوابه ... أسبغ الله عليه رحمته وجزاه خيراً عمَّا قدَّم للمكتبة الليبية - والعربية من جهدٍ مشكور.
ويعيد السؤال هنا نفسه كيف السبيل إلى وثائق المكتبة الكتانية .. وهل اطَّلع الكتَّاني على تلك الإجازة في المشرق كما فعل الشيخ الزاوي، أم أنَّ له صورة منها بمكتبته، وهل يُتَوَقَّعُ الظفر بتلك الإجازة بالمكتبة الكتانية .. أم أنَّ واقعَ الأمرِ خلافُ ذلك، ولا إجازة هناك لديه - ومصدره الرواية المألوفة.
ـــــــــــــ
12 - وممَّا استغربته لدى الدكتور حركات، قوله: "إنَّ محمد بن عبد السلام ابن ناصر الدرعي عرض على بائعِ كتبٍ باسطنبول مائة وأربعين ديناراً في نسخةٍ من صحيح البخاري في مجلدٍ بخطِّ أبي علي الصدفي شيخ القاضي عياض فأبى، ومقابل ذلك اشترى من نفس البائع وهو طالب، مجموعة كتبٍ قيِّمة أخرى بثمنٍ تافه (التيارات السياسية والفكرية بالمغرب .. ص 41). وهو خطأٌ فادح [5] لأنَّ الرحَّالة لا يذكر أنَّه ذهب إلى اسطنبول ! ويزيد في فداحته أنَّ المؤلِّف لم يستقِ مادَّته من الرحلة رأساً، وإنَّما أشار إلى المراكشي (الإعلام 6 / 193)، والذي فيه أيضاً لا يوافق نقله ! إذ المعلوم أنَّ القصَّة حدثت بطرابلس مع الشيخ أحمد بن أبي طبل الطرابلسي الذي اشتراها من اسطنبول، وهو ما حكاه ابن عبد السلام الناصري بتفصيلٍ في رحلته الثانية سنة (1211هـ). ولقد استمتعتُ مؤخَّراً بقراءة مقالكم الممتع طويل النفس (مخطوطة وحيدة في العالم: صحيح الإمام البخاري بخط الحافظ الصدفي، مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 19، ج 1، ربيع الآخر 1393هـ / مايو 1973م ص 21 - 52) الذي تتبَّعتم فيه قصة هذا المخطوط الثمين الفريد في استقصاءٍ مشكور، وآمل ألاَّ يكون المخطوط ضاع أو نهب في خضم الأحداث.
تشيرون بهامش مقالكم (ص 47 - 48) إلى نفائس مكتبة الجغبوب ومخطوطاتها اعتماداً على زيارتكم لها وراء ذلك المخطوط خلال شهر إبريل 1968، ومن المخطوطات التي أثارت انتباهي لتعلُّقها بموضوع دراستي (... كتاب ثالث آخر في الطبِّ اسمه الإعلام لعلي بن عبد الصادق نسباً الجبالي لقباً)، و(كتاب لباب الألباب في تحرير الأنساب لمحمد بن أحمد التواتي). لم أكن أعلم أنَّ لابن عبد الصادق الطرابلسي الذي عُرف بكثرة التأليف كتاباً في الطبِّ .. كما أنَّني سمعت منذ سنوات عن وجود مخطوطٍ يتعلَّق (بالسكان) في الجبل الغربي؛ وهو الإقليم الذي استوطنه التواتي المذكور .. ها هو الواقع المشهود يؤكِّد ذلك السماع ويصدِّقه.
هذه الإضاءات الجيِّدة تدفعني إلى رجائكم بتمكيني من البيانات التي دوَّنتموها عن مكتبة الجغبوب، وخاصَّةً عن هذين المخطوطين وما يمكن أن ينضاف إليهما من المخطوطات الليبية.
إنَّ تنقُّلات مكتبة الجغبوب خلال هذه المدة قد تقلِّل من فرص العثور عليهما بالمكتبة المركزية بجامعة قاريونس (بنغازي) التي ضُمَّتْ إليها بقايا المكتبة المذكورة فيما أعلم. وفي خطَّتي أن أقوم بفحص مخطوطات مكتبة بنغازي عياناً. لقد رجعت إلى جريدة (الرائد) التي تشيرون إليها بتاريخ (26 - 4 - 1968)، فلم أستفد منها إلَّا خبر زيارتكم للجغبوب، أمَّا جريدة (طرابلس الغرب) التي تشيرون إليها بتاريخ (12 - 8 - 1968)، فلم أوفق للعثور عليها حتى الآن، ولا زلت أسعى. وهناك إشارة إلى جريدة (طرابلس الغرب) عدد الأحد (18 يناير 1953) وهو ممَّا استغربته، ولا شكَّ أنَّه خطأٌ مطبعي .. أرجو إرشادي إلى العدد الصحيح، كما آمل أن تدلوني على كلِّ أبحاثكم المتعلِّقة، كليّاً أو جزئيّاً، بالآثار الفكرية ذات الصلة بليبيا. (أدركت فيما بعد أنَّ عدد طرابلس الغرب إنَّما يتعلَّق بمخطوط الأدوية المفردة للغافقي). [6].
ـــــــــــــ
وأخيراً .. هل لمطافنا نهاية ؟
لا أظنُّ ذلك .. وما هذه الصفحات السابقة كلُّها إلا أشواقٌ فكرية للمغرب الشقيق تجمَّعت بنفسي على مرِّ السنين، وها أنا أبثُّها لأحدِ مؤرِّخي المغرب المرموقين، وله النصيب الأوفى بينهم في الاهتمام بتاريخ العلاقات الليبية المغربية، وكانت سفارته لبلاده في ليبيا خيرَ عونٍ على ذلك الاهتمام الكريم.
لذلك أجدني مطمئناً إلى صواب التوجُّه إليك شخصياً بهذه الصفحات لعلك تجد فيها صدى جديداً لاهتمامك القديم.
وأعترف بأنَّني أثقلت وأكثرت ... ولكن ما حيلتي إذا اندفع الفكر بأشواقه المختزنة، وقد أُتيحَ لها الانطلاق؟
قد ترون تعذُّر إجابة كلِّ هذه المطالب، وضرورة ذهابي إلى المغرب لتحقيقها، .. هذا أمرٌ وارد، ولكنَّني سأظلُّ آمل الإجابة أو بعض الإجابة بقدر ما أمكن .. إلَّا أنَّني ألحُّ في الرجاء بسرعة الردِّ الموجز على الأقلِّ، ومن يدري ..؟ فقد تُتَاحُ لي فرصة هذه الزيارة المأمولة، ولعلَّ الله يحدثُ بعد ذلك أمراً.
وفي الختام تفضّلوا بقبول عميق شكري وتقديري مع اعتذاري عن الإطالة. وفَّقكم الله وسدَّد خطاكم. تحيَّاتي إلى الدكتور إمحمد بن عبود وكلِّ الإخوة العاملين بالمعهد الجامعي للبحث العلمي الموقَّر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المخلص
عمار جحيدر

(3)

بسم الله الرحمن الرحيم
ملحق خير إن شاء الله تعالى 4 شوال / 10 يونيو
الأستاذ الفاضل د. التازي.
كنت دوَّنت البطاقة التالية عن رحلة أخرى: (رحلة الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد السلام بنَّاني .. ضمَّنها فضائل الحرمين الشريفين، رحل سنة 1141هـ / موافق 1728م، ذكر ذلك الأخ الأستاذ محمد الفاسي). ابن سودة، دليل 2 / 348.
ولكنَّني علَّقت عليها: "لا أدري هل مرَّ بليبيا أم لا"، فاستبعدتها، ومساء أمس (نهاية عيد الفطر المبارك) كنت أتصفَّح قاموس (الأعلام) للعلَّامة الزركلي، فإذا بي أجد في ترجمة الشيخ بنَّاني المذكور، نموذجاً لخطِّه، وأنا أهتمُّ بمثل هذه النماذج، وكان في هذا النموذج ضالَّتي المنشودة، إذ نقرأ به: (وقد تمَّ ما أردته وكمل المقصد الذي رمته وقصدته بحمد الوهاب الفتَّاح العليم والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي المصطفى الكريم وعلى آله وأصحابه أولي المجد الصميم والفضل العميم ضحى يوم عيد الفطر بمنزل قابس بعد خروجنا من طرابلس - أمَّنها الله - وذلك من عام ثلاثة وأربعين وماية وألف على يد جامعه عبيد ربه الفقير العاني محمد بن عبد السلام بن حمدون البنَّاني المالكي المغربي الفاسي – غفر الله له ولوالديه ومشايخه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين). الأعلام ط 4، ج 6، ص 205.
وتعليق الزركلي: "محمد بن عبد السلام البنَّاني، عن مخطوطة في خزانة الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب بتونس"، وهذ الصباح عدت إلى فهرس هذه الخزانة، فوجدته يعني المخطوطة التالية: شرح (الحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي)، مؤلِّفه محمد بن عبد السلام البنَّاني المغربي 1163 / 1750م. أوله: "الحمد لله العليِّ شأنه العظيم سلطانه ... إنِّي لمَّا كنت ببلاد برقة منصرفاً من الحجِّ والزيارة ... عام ثلاثة وأربعين من القرن الثاني عشر، التمس منِّي بعض أصحابنا أن أقرأ معه الحزب الكبير للإمام الشاذلي، وأن أقيِّد له بعض ما يتعلَّق بمعانيه ممَّا يعين على حل تراكيبه ومعانيه .."، عبد الحفيظ بن منصور، فهرس رصيد مكتبة ح. ح. عبد الوهاب، ص 78. وآخره النصُّ المقتبس أعلاه من نموذج خطِّه بالأعلام.
ترى هل يمكن إضافة هذه الشذرة لما تقدَّم من صفحات.
مع وافر الشكر والتقدير.
أمَّا بخصوص (أبو عبد الله محمد بن عبد الصادق الطرابلسي) الذي أستفسر عنه في الفقرة (10) أعلاه، فقد وجدت الجواب عنه في هذه اللحظات في هامش بكتاب (الإعلام) للعباس بن إبراهيم 6 / 207، عند تلخيصه لرحلة ابن عبد السلام الناصري، إذ فرَّق بين ابن عبد الصادق الطرابلسي / وابن عبد الصادق الدكالي الفرجي شارح المختصر الخليلي، وأشار إلى غلط صاحب الاستقصاء في إضافة صفة الطرابلسي إليه، وهو ما سلم منه الزياني والكنسوسي حسب قوله.
ــــــــــــــــــــــــ
إشاراتٌ توثيقية:
1 - قد ترى أنَّني أهتمُّ برحلاتٍ سبقت العهد القرمانلي بفترةٍ وجيزة، ومبعث ذلك استحالة الربط بين الحياة الثقافية والعهود السياسية ربطاً زمنياً محدَّداً لوجود أجيال من المثقفين المخضرمين في كلِّ وقت وحين.
2 ـ سنة 1246 / تصويب التاريخ: وجدت إزاءها في الطرَّة اليسرى من صورة الرسالة المحفوظة لديَّ هذه الإشارة التصحيحية غير المؤرخة: (بل 1245).
3 ـ قاضيها البنغازي: تبيَّن لي فيما بعد أنَّ هذا المؤرخ الفاضل قد صحَّف اللقب المذكور أعلاه، وهو ما صوَّبته في حاشيةٍ مزيدةٍ في: (مصادر دراسة الحياة الفكرية في ليبيا في العهد القرمانلي، ص 108 - 109)؛ إذ أنَّ الأصل في الرحلة المذكورة (التغاري) كذا بياء النسب المزيدة، وحذف الواو من لقب القاضي الحنفي المعروف بإيالة طرابلس في أواخر العهد القرمانلي: الشيخ أحمد بن حسين التوغار الذي تردد اسمه كثيراً في (سجلات محكمة طرابلس الشرعية) خلال تلك السنوات، وقد نشرت لوحة نصٍّ موجزٍ بخطِّه بافتتاح أحد السجلات في عهده: (وفيه اسمه كاملاً: أحمد بن حسين بن سليمان بن حسين التوغار، بتاريخ 17 من ذي القعدة 1233 هـ). انظر: عمار جحيدر، آفاق ووثائق في تاريخ ليبيا الحديث، الدار العربية للكتاب، 1991، ص 12.
4 ـ هو الزميل الفاضل الأستاذ علي الهازل.
5 ـ أرجو المعذرة عن حدة اللفظ، وجزى الله المؤرخ الجليل خير الجزاء. وهذا ما يتفق مع إجلالي الحميم لعلماء المغرب الشقيق.
6 ـ ما بين قوسين يبدو أنَّه إضافة لاحقة بحرف أدقَّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعقيب اليوم (2023):
رحم الله تعالى المؤرخ الجليل الدكتور عبد الهادي التازي، وجزاه عن عطائه الغزير خير الجزاء وأوفاه. ومن الجلي أنَّ ما جاء في صفحات رسالتي المطوَّلة من قبيل (اللامعقول). وقد حُرمت من زيارة المغرب الشقيق طويلاً إلى أن أُتيحت الفرصة - بحمد الله تعالى - بعد ثلاث سنوات. ومن هنا دونَّت اليومية الأولى / في رحلتي الأولى إلى المغرب (1989) بمقعد الطائرة، واستهللتها بهذا البيت الذي يلخِّص شوق هذه الصفحات في سطر:

بُشْرَى لِقَلبِي المُتعَبِ في شوقِه للمَغْرِبِ

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  5396