الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

التأريخ الثقافي للعلماء.. كتاب (عبد السلام العالم التاجوري) لعمار جحيدر نموذجا

محمد الصادق الخازمي

مقالة

تاريخ النشر: 2022/02/02
اقرأ للكاتب

إضاءة:

حياةُ الأمة بحياة علمائها؛ أولي الرأي، والفضل، والعلم، والنُّهى. والحياة البيولوجية إن لم تقترن بحياةٍ فكريّة وروحيّة سامية فلا قيمةَ لها؛ إذْ فضلُ الإنسان في عقله، وفكره، والمكانة التي يخلقها لنفسه، أو يُضيفها لقومه، ومجتمعه، وإنسانيّته.
ولأجل ذلك؛ كان تأريخُ العلماء من أجلّ الأعمال التي تسعى إليها الأُممُ المتحضّرة النابهة؛ لأنّ في إحياء ذكرهم إحياءً للأمّة. وفي تحليل أعمالهم، وجهودهم، ودراسة حَيَواتهم توضيحٌ وبيانٌ لحال الناس، والبلاد، والمكان، والزمان! أجل لكلّ ذلك.
والبلاد التي تعاني من ضبابيّةٍ في تعريف هُويّتها، أو قصورٍ في تبيين مكانتها، أو ضعفٍ في التأريخ لها؛ فإنّ ذلك إنّما نشأ من كسل أفرادها في التأريخ، والتدوين، والبيان، ولعل لذلك أسبابا متباينة... وفيما يخصّ بلادنا أذكر منها:
- ضآلةَ الآثار التي بين أيدي الباحثين. أقول بين أيديهم، وليست ضآلتها على الإطلاق، فتلك دعوى لا يُسلَّمُ بعمومها، فإنّ هذه البلاد تحفل بوثائق قديمة كثيرة جدا، والأمة التي تدوِّن بيعَ جملٍ أو إعارتَه، أو تُشْهِد على عداوةٍ احترازًا من دعوى كيدية(1) لهي أمّةٌ فيها فِطنةٌ، وعلمٌ، وحضارةٌ، لا يُستخَفّ بها.
صحيح قد تكون الإضافات في فروع العلم المختلفة ليست بذلك الفضل والأثر، لكنّ حياة الأمة في مجتمعها الحافل بالحركة والنشاط والتجاذب تُكمِل ذلك النقص الذي قد يُستغنى عنه؛ فالتأليف بابٌ خطير واسع، وقد يكون من الأولى أن يتدارس الناسُ الكُتُبَ المؤلَّفة، والآثارَ الخالدة، ويبذلوا فيها وُسعَهم بدلًا من محاولات إضافات لم تُكمل العدة، أو لم تكن مضمونة الأثر.
- الحياءَ من ضعف الآثار، أو الخجل مما فيها من تهاوٍ، أو مبالغات، أو خرافات، وهذا ليس بعذر كافٍ يفي بحق البرّ للآباء والأسلاف، فإنّ تلك الآثار -على ما فيها- تصلح لدراسات مختلفة؛ اجتماعية، وفنية، وفلكلورية، وحتى للتأسيس الخياليّ الفنيِّ عليها، إضافة إلى ما فيها من لمسات التاريخ التي تلتقطها عينُ الفاحص الخبير المدقّق.
- غيابَ رؤيةٍ جامعة مفيدة لذلك الجمع؛ ولهذا فاقتصار الإفادة من الوثائق القديمة على أهل التاريخ وحدهم، أو على أصحاب الموضوعات المحدّدة منهم وحسب سيجعل الجهدَ ناقصًا مبتورًا. ولهذا فالاهتمام بالوثائق القديمة ينبغي أن تكون ضمن مشروع وطني بحثي، تشترك فيه أقسام التاريخ، والآداب، والفنون، والعلوم المختلفة في الجامعات، أو مراكز البحوث.
- وسببًا أختم به؛ هو شحّ أهل الوثائق بها، وأظن أن الزمن قد فات كثيرا من أسباب الشحّ والبخل، فالتصوير بمختلف أنواعه يتيح حفظا أدقّ، وأكثر خلودا لتلك الوثائق، إضافة إلى أن بعض الإحراجات يمكن تلافيها بالتظليل عليها، أو طمسها، أو حجبها بأي صورة من الصور.

سياق الكتاب:

وهذه التقدمة ضرورية قبل أن أدخل لموضوع كتاب الأستاذ عمار جحيدر:
((عبد السلام العالم التاجوري: 1058.1139ه/1648.1727م الفقيه الصوفي المؤرخ / وتراجم شيوخه)) سيرة علمية: نص ودراسة وملاحق.
وهي دراسة علمية رصينة من فاضلٍ عن عَلَمٍ فاضل من أعلام هذه البلاد، وتضيف للبحث التاريخي والثقافي إضافات هامة؛ فالمؤلِّف لم يبخل على القارئ بالمعلومات المتصلة بالمؤلف صاحب الكتاب، ولم يدّخر جهدا في التتبّع، والتوثيق، والتلخيص، وإضافة الملاحق، وتقديم الصورة بمجمل مشاهدها كافة.
ومن حسنات المؤلف أنه يقدّم صورا تفصيلية مفهرسة، ومجدولة لموضوع كتابه، وأقسامه، تُغني عن تقديمه، وشرح ما فيه، فلم يبق أمام قارئٍ مثلي سوى أن يتجه إلى الحديث عن المضمون الموضوعي للكتاب.
والكتاب يقوم على ترجمة الشيخ عبد السلام بن عثمان بن عز الدين بن عبد الوهاب بن عبد السلام الأسمر الفيتوري الطرابلسي، وهذا الاسم للمؤلف هو الموجود على نسخة الطبعة الأصلية لكتابه الأشهر ( الإشارات لبعض ما بطرابلس الغرب من المزارات)، المطبوعة بمطبعة الولاية على نفقة الحكومة الإيطالية في مدينة طرابلس الغرب عام 1921م.(2)
وإضافة التاجوري إلى لقب المؤلف أتت فيما بعد -على ما يبدو- وهي نسبة غريبة من ناحية أن المؤلف لم يكتبها، ومألوفة باعتبار محل الإقامة في أغلب فترات حياته، غير أنّ القطع بالنسبة إلى (تاجورة) / الدار، دون غيرها من النِّسَب التي ينسبها المؤلفون لأنفسهم(3) يحتاج جهدا خاصا ربما في إضافة أو في مقالة لاحقة يتحف بها الأستاذ عمار جحيدر.
والترجمة التي يقوم عليها الكتاب كتبها المؤلف بنفسه، إذ اختار في خاتمة كتابه (فتح العليم في مناقب سيدي عبد السلام بن سليم) أن يترجم لشيوخه، وأقرانه لقيا ومراسلة ومعاصرة، وقد قام مؤلف الأستاذ عمار على هذا الجزء من (فتح العليم)، وهو اختيار محنك ذكيّ، لم يورد أسبابه، لكني أستشف من دراسته بعضها:
• فمن ذلك أنه تخلّص من عبء السياق (المناقبي) -الـمُفرط- الذي كُتِب به كتاب (فتح العليم)
• وهو أيضا، أَلصَقُ بالتاريخ الثقافي الذي يُشبع طلب المؤلف، ويسعفه بإكمال صورة كثير من خفيّ تاريخ هذا الوطن.
• هذه الترجمة كانت أوفى بالبحث الأصليّ الذي قام عليه الكتاب، ولم يكن مقام البحث المقدم إلى حولية مجمع اللغة العربية في سنة 2006م يسمح بغير ذلك.
وهذه أسباب تكفي حينها، غير أنّه عندما يُطوَّر البحث إلى كتاب، فمن الأوفى أن يُعامل معاملة واحدة مترابطة، تحيل النظر والإحالة إلى الكتاب(4) كاملا، وإلى دراسة مجمل الآثار الأخرى من غيره أيضا. ولا تحسبن الأستاذ عمار جحيدر كان غافلا عن ذلك، فقد ألحق بالبحث نبذا من كتاب (تذييل المعيار) الذي حققه البحّاثة الدكتور جمعة الزريقي، وكتب كتابةً موجزة عن (ازدواجية الخطاب في مخطوطة فتح العليم).
وهناك أسباب مغايرة تماما للاكتفاء بخاتمة فتح العليم؛ أسبابٌ تسمح بإعادة الترجمة وفقا لقراءة طويلة متأنية لكل آثار المؤلف، ومع أنّ ذلك قد يَقصُر عن أي إضافة جديدة هامة إلى ما كتبه الأستاذ عمار، فهو واجب-على كل حال- لأنه إن لم يضف في التأريخ، فإنه يضيف –ولاشك في الرأي، والتقويم، والفلسفة العامة لتقديم حياة المؤلف.
ومن حسنات هذا التأليف أنه نبّه إلى هذا الخيار، ولم يقفل البحث عن صاحب الترجمة، بل جعل ذلك خيارا متاحا يقوم به باحث جادٌّ آخر من بحاث الوطن ممن يملكون الصبر، والأناة، والقدرة، وإن كان الأستاذ عمار قد أتعب ولا شك من يجيء بعده؛ فتحدّي الإضافة عسيرٌ صعب، ولا شكّ –عندي- أن الأقسام العلمية التي تعاني من صعوبة في إيجاد الموضوعات الجديدة إنما يكون ذلك بسبب الركون إلى الدراسات السابقة، والدهشة من الإجادة فيها –كحال هذه الدراسة- مع أنها تدعو إلى مزيد النظر، وتغري بالمتابعة، بشرط العمق، والتجديد، والإحاطة، وأنّى ذلك!

في المنهج:

منهج الكتاب يقوم على نص أصيل هو البحث المقدم إلى حولية المجمع المشار إليه آنفا، ثم الإضافات التي أقامها المؤلف عليه، ومن أهمها:
* الدراسة الخاصة حول بعض الأعلام في الكتاب.
* تقديم للسياق التاريخي للكتاب، وتبيين ملامح من العصر العثماني الأول، وفيه خلاصة رأي المؤلف حول بداية تشكل الهوية التاريخية للإقليم، والملاحظ على هذا الرأي أنه يتعلق بالتأريخ، و( الوعي بالكيان) كما يقول الأستاذ خليفة التليسي من حيث التدوين، والكتابة، لا من حيث الوجود، وبين الأمرين فرق، فوجود هذه البلاد موحّدة أو مجزأة، أمرٌ حُكِم بالاتصال الجغرافي، وبأمور تاريخية أخرى لا يتّسع المقام لبحثها، لكنّ وعي سكانه به، وتأليفهم من أجله قد تأخّر لأسباب جيوسياسية غالبا، والدول تقوم بما تقدمه من اقتصاد، ومن التكوين البشري أيضا؛ لأنهما سبب النزاع والملك، وإذا ما افتقر البلد (الكيان) إلى أي واحد منهما، قلّ التكالب عليه، وضُمّ إلى غيره، أو عُبِرَ سريعا إلى حيث الأولى والأجدى.
* الملاحق التاريخية: ومـمّا أوسع فيه المؤلف الجهد، وبذل فيه الوسع، جمعه لكل تراجم الشيخ عبد السلام بن عثمان في مكان واحد، يغنيك عن تطلّبها وتتبّعها، فاختصر الطريق، وأوفى بالحق.
* الجداول الخادمة للنص: وهي مرآةٌ جميلة لوضع النصوص التاريخية في موضع المقارنة، والترتيب، والجداول أصبحت لازمة من لوازم الأستاذ عمار جحيدر.
* اللغة: ومن أهم ما يحببك في الكتاب لغته الناصعة، وبيانه الظاهر، وجمله المتماسكة الرصينة، التي لا لبس فيها، و لاعجمة، ولا إغراب، وكم أضاعت اللغة الضعيفة من جهود كبرى، وأعمال فائقة، ضاعت بسبب ضعف تحريرها، وحُبسة في بيانها، ولبس في مفرادتها، أَوهنَها وأَضعَفَها، وقصّر بها عن مكانها اللائق بها.
* الوفاء للتاريخ: فيضع بحوثه التي نشرها بتاريخها، وكما نُشِرت تقريبا من غير أن يضيف إليها ما استجدّ بعد، من ذلك مثلا أنه يقول في التقديم:" فقد فرغ الدكتور جمعة الزريقي من تحقيق مخطوطته الفقهية (تذييل المعيار) في الفتاوى وستخرج في عدة مجلدات"، وقد خرج التحقيق فعلا، وأشار هو إلى ذلك في عدة مواضع لاحقة، بل وجعل من ملاحقه الملحق الرابع الذي عنونه بــــــ(قبس مختار من تذييل المعيار)، وأشار إلى أنه اعتمد تحقيق الدكتور جمعة الزريقي الذي صدر في سنة 2008م، وفي رأيي كان يمكنه الجمع بين الوفاء لصورة البحث التاريخية الأولى، وهذا الكتاب الذي ضمّها وصدر في سنة 2020م بإضافة هامش صغير، يوضّح أن الكتاب نُشِر فعلا.
ومن الأمثلة على ذلك أيضا هامشه في ص239 من بحثه الذي قدّمه لمؤتمر(المنارة الأسمرية من الزاوية إلى الجامعة)، ويقول فيه: "إن القارئ الكريم مدعوٌّ إلى قراءة تلك الدراسة المطوّلة"، ويعني بها بحثه المنشور في حولة المجمع، ويفترض أن قارئ هذا الكتاب قد قرأها قبل الوصول إلى هذا الموضع.(5)
* تطوير منهج البحث التاريخي: من أهم ما أفاد به الأستاذ عمار جحيدر –أطال الله في الصالحين بقاءه- تطويره المنهج التاريخي، والاقتراب به من أدوات العلم (الحاسوبي) الرياضي، ويظهر هذا في الجداول، والإحصاءات، والرسوم البيانية الخادمة للنصوص.
ومن تطوير المنهج التاريخي الإفادة من القراءات العلمية الأخرى، مثل إشارته إلى كتاب (النقد التكويني) الذي يُعنَى باكتشاف النص الأدبي؛ كيف تكوّن، وتَرَتَّبَ في ذهن مؤلِّفه أولا؟، ومن منهجه الخطوات الآتية: أ.تطور النص في ذهن المؤلف، ب. المشاركة في بناء النص عند تحقيقه، ج. العمل على استنطاق النص بعد نشره.
ومن محاولات تطوير المنهج التاريخي لديه إفادته من نظرية (التحقيب التاريخي) التي قدّمها الدكتور سيّار الجميل في كتابه "المجايلة التاريخية: فلسفة التكوين التاريخي (نظرية رؤيويّة في المعرفة العربية الإسلامية)" وهي محاولة لرصد التاريخ الثقافي بحسب الجيل، وتقسيم الحضارة العربية الإسلامية إلى سبعة وأربعين جيلا حتى سنة 2009م، ويقع الشيخ عبد السلام بن عثمان في الجيل السابع والثلاثين منها.
وقدّم المؤلف صورة عن هذا الجيل في الفصل الأول من الكتاب، وهو شيءٌ في غاية الأهمية بحسب رأيي، إذ إن المكانة الحقيقية للعلماء تكمن في سياقهم التاريخي الذي يحويهم، ويحفّهم، والانقطاع عن ذلك السياق اجتثاث غير موفق، ولهذا يكون من حسنات التأليف الالتفات إلى السياقات المكانية، والجغرافية، والعلمية المعاصرة لموضوع الترجمة.
* الترجمة للمكان، والتأريخ لتاجوراء، وأبرز مدارسها، وأعلامها، بل وعائلاتها الكريمة، من روايات الرحلات، كالحاجيّة (رواية أحمد بن محمد الناصري على وجه التحديد)، ومن إفاداته الجميلة التعريف ببعض المعالم الدارسة فيها، مثل: بني عياض، وغودش...
* يتوسّع في التاريخ العام أحيانا، ويختصر في تفاصيل الشخصية، فعل العالم الموسوعي، والقدرة على التصنيف العام، ووضع الأُطُر العامة لا تتأتّى إلا لمن له سعة اطلاع، وكثرة بحث ونظر.
* حسن العرض والتقسيم، وتلك من حسناته الظاهرة المتوالية، ومثالها جدول معلمي القرآن مثلا في صفحتي 96-97
شذرات:
وهذه بعض شذرات لاحت أثناء قراءة الكتاب، بعضها انطباعات، وبعضها تدوينات مصاحبة، ومن تمام فائدة هذه القراءة أن أذكر شيئا منها على وجه الاختصار.
* في الكتاب تلخيصٌ للتاريخ الليبي في العصر العثمانيّ الأوّل؛ يتضمّن إشاراتٍ وإحالاتٍ إلى أهم مصادره، مع بيان قيمتها، وهو تلخيص مليءٌ بالحواشي المفيدة.
* محاولة تكوين الذات الليبية تاريخيًّا –والتجرّد والموضوعية هنا- محاولةٌ جادّة؛ بيد أنّ الاعتماد على المصادر التاريخيّة كما وَصَفَتْ دون تجاوزها إلى ما هو أهمّ من وصفها، أو بمعنى أدقّ دون نقدها يضعف الحكم بقوة الاقتراب من الحقيقة أو الواقع.
* ومن أهمّ الخلاصات التي يقدّمها الأستاذ عمّار ما حوته الفقرة الأخيرة في دراسة الفصل الأول(6)، وفحواها: أنّ الحياةَ الثقافيّة الليبيّة لم يستأثِر بها المركزُ دون الأطراف على غير العادة في الأمم الأخرى، وهي خلاصةٌ ذكيّة أمينة، وفيها تميّز الحالة الليبية، وخصوصيّة ينبغي البناء عليها.
* ممّا ينبغي مناقشته -أيضا-كثرة السؤال عن الهُويّة الوطنية الليبية! مع أنّها واضحةٌ منذ العهد العثماني الأوّل على الأقل؛ وحدةَ ترابِ، واستقلالَ إدارةٍ وحكمٍ، وشواهدُ التاريخ لا تُسعِف من يقول بغير ذلك.
* الاستدراك الأوّل في الكتاب خلاصة وتوثيق للمرحلة ينبغي أن يُفرد في خلاصات تنشر، وتوثّق، وترسّخ في أذهان الناشئة.
* تداخل التاريخين: الثقافي والاجتماعي، والتصوف نموذج عظيم لذلك.(7)
* عنوان ازدواجية الخطاب قد يُوهِم، خاصة أن كلمة (ازدواجية) ظُلِّلَت بظلالِ معانٍ سلبيّة، ولو اختار كاتبٌ أن يعبِّر بمصطلح (الازدواجية) فينبغي أن يكون الحالُ واحدا، والسياقُ متشابها، لكن الخطاب متغايرٌ بينهما.
أما في كتاب(فتح العليم...) فسياقه العام المناقب، وهي تقتضي خطابا احتفائيا مناسبًا للحال، وراصدًا لما جُمِع من أخبارٍ بلسان المريدين، والمحبّين، والأتباع، كما وَرَدتْ وجُمِعت من غير تهذيب. ثم إذا انتقل إلى سياق حديث عن التكوين العلمي، والترجمة التي لا تتأثر بتلك الظلال، ويستقل السياق فيها عن سابقها، فمن المناسب أن تكون اللغةُ علميّة تكشف التكوين العلمي الرصين للشيخ عبد السلام بن عثمان.
* الربط الثقافي بين كتابي فتح العليم للشيخ عبد السلام بن عثمان، وروضة الأزهار للبرموني، مهم جدا، ولفتة طيبة، وباب الموازنة بين الكتابين مازال يحتمل كثيرا من النقاش والبحث، خاصة بعد أن يحقّق روضة الأزهار بتمامه.
* من خير ما فعل الأستاذ عمار أن نقل بعض الهوامش إلى المتن كما في صفحة 62؛ فإن من أسلوبه المميّز إطالة الهوامش جدا، وبعضها قد يكون أولى بالمتن.(8)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وقفت على نماذج غير قليلة من ذلك، ولعلي في نشر مستقلّ أرفق صورا لبعضها في ملحق إضافيّ.
2- كل هذه المعلومات من الصور التي ألحقها الأستاذ عمار جحيدر بكتابه، وكنت أؤمل أن أرى في الكتاب صورة للورقة الأولى من كتابي (فتح العليم) و (تذييل المعيار) للتأكد من نسبة المؤلف نفسه إلى (الفيتوري، أو الطرابلسي، أو التاجوري) فلم يكن ذلك متاحا.
3- من المستقر في التأليف القديم أن يذكر الكاتب نسبه، ويذيله بكذا نسبا، وكذا مذهبا ، وكذا دارا، وفي العادة يغلب عليه نسبُه، وقد يغلب عليه غير النسب ويُشهر به، وكثيرا ما يُنبِّه القُدامى إلى الشهرة؛ فيقولون بعد التعريف: شُهِر كذا أو بكذا.
4- المقصود كتاب (فتح العليم...).
5- ومن غريب التزامه بالأصل أنه كان وفيًّا أمينا لجهده السابق، حتى عندما وَهِمَ في تاريخ نشر كتاب تنقيح روضة الأزهار لمحمد محمد مخلوف تركه كما هو، ونبّه على الوهم في الهامش، انظر ص 82.
6- ص28.
7- ينظر ص54 من الكتاب
8- والهوامش مرتبة ترتيبا متواليا في الفصول، وإذا كُتِبَ الهامش أسفل الصفحة؛ فمن التيسير ألا يكون متواليا، وإذا كانت الهوامش موحّدة في آخر الفصل فذلك سائغ.

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  6957