 | الكنز أمامكيحيى أحمد محمود | مقالةتاريخ النشر: 2021/10/31
اقرأ للكاتب |
أحيانًا أقرأ جملة فيخيل لي أنَّ صاحبها قد وصل إلى سر من أسرار الحياة. اكتشف هذا الإنسان الحقيقة أو ألهمه الله إياها. لكن يا خسارة، لن يستفيد من هذه الجملة إلا من أدركها، سوف تظل مجرد كلمات حلوة، فإذا أدركها الإنسان تغيرت حياته تمامًا.
ظاهرة عجيبة. الكنز أمامك! وأنت تعرف أنه كنز لكنك مع ذلك لن تنتفع به. أقصى ما تفعل أن تشير إليه وتقول: هذا كنز!
كالعيس في البيداء يقتلها الظما * والماء فوق ظهورها محمول شيء محبط ومحيّر. خذ مثلاً "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا". كأنَّ هذه الجملة لخصت كل شيء. هكذا فليعش الإنسان حياته!
لو أنَّ إنسانًا أدرك أن أيامه معدودة فهل يبقى مما يفعل شيء؟ فكِّر في ذلك. سوف يكتشف هذا الإنسان أن أولوياته كلها مقلوبة. طيب، لماذا؟ إنه الوهم أو محاولة التناسي؛ لأن حقيقة الحياة مؤلمة: يولد الإنسان ليموت. أيامه معدودة وحياته ومضة في عمر الزمان. لا شيء يبقى وكل حال يزول. لكنَّ هذا الإنسان يتصرف وكأنه خالد وكأنَّ الأشياء تحدث للآخرين فحسب. يعمل لدينه ودنياه على حد السواء وكأنه يعيش أبدًا.
يشبه الوهم "النقطة العمياء" لسائقي سيارات النقل. معرفتك بوجودها لن تمكنك من رؤيتها.
عدو الإنسان، إذن، هو الغفلة. وهو مسكين طبعًا ومعذور في ذلك. فالحياة صعبة و"الناس تعبانون". كان الله في العون. يعرف الإنسان المعنى ثم يطمره بطبقات من اللغو والتشتيت والنسيان. ثم يمر الزمان فيسحق كل شيء. واختلاف الليل والنهار يُنسي. يقف الإنسان في أواخر عمره باحثًا عما تحصل معه من ذلك فلا يكاد يجد شيئًا.
وفي القرآن وصف لمشاعر الناس يوم القيامة بأنهم لبثوا يومًا أو بعض يوم. الصراحة أنه حتى قبل يوم القيامة كثيرًا ما أجد هذا المعنى في نفسي. حياتي يمكن أن ألخصها في ساعة. أنا أيضًا يخيل لي أحيانًا أنني ما لبثت إلا يومًا أو بعض يوم.
قرأت مرة على موقع كورا شعارًا لامرأة تقول: "هدفي أن أعيش حياتي وكأنني سأموت في الأربعين". أعجبني ذلك. قلت لنفسي: أفلحت إن نجحت في استحضار هذا المعنى.
كأن معركة الإنسان اليومية مع النسيان. نسيان الحقائق الجلية والدروس المستفادة من حياته وحياة الآخرين. يصلي خمس مرات في اليوم ويصوم شهرًا في السنة ويذكر الله قياما وقعودا وعلى جنوبه لعله يتذكر، والذكرى تنفع المؤمنين. الله المستعان.
المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك. |
|