الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

تجربتي مع الناس

يحيى أحمد محمود

مقالة

تاريخ النشر: 2020/11/21
اقرأ للكاتب
تجربتي مع الإنسان جيدة للغاية. أعطيها تقييم سبعة من عشرة.
معظم الناس الذين قابلتهم في حياتي كانوا طيبين وغلابى. ولا أكاد أحصي أعداد الذين أحسنوا إلىّ وساعدوني واستقبلوني في بيوتهم وفتحوا لي قلوبهم وجعلوني جزءا من حياتهم وتحملوا سوء طباعي وآنسوا وحشتي.
ومع أنني كغيري من البشر، لاقيت في حياتي من أساء إليّ ومن خدعني ومن ضايقني ومن حسدني، فإنَّ ذلك لم يغير رأيي في الناس. كان ما لاقيت من الشر، ولا يزال، وكذلك يبقى إن شاء الله، استثناء يؤكد القاعدة ولا ينفيها.
بل أقول لو كنت منصفًا: إنَّ كثيرًا من الذين أساءوا إليّ، لم تخل معرفتي بهم من إحسان. وكثير منهم كان خيرهم أكثر من شرهم. ولم يكن ما فعلوه بالضرورة لشر في أنفسهم، ولكنها سنة الله في الخلق وصعوبة الظرف الإنساني وأقدار الله الذي يقول: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرًا".
وكما لقيت من أحبني من الناس، فقد لقيت أيضًا من أبغضني. وأقول، بكل أمانة ومن دون أي تظاهر أو ادعاء، إنني في كثير من الأحيان كنت أرى هذا التباغض أمرًا طبيعيًا فلم يؤثر فيّ كثيرًا، وكنت أقبله كما أقبل المرض والأحزان وتقلبات الجو. ذلك أنَّ الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف. وأنا أعلم أنَّ المحبة والقبول أرزاق وقسمة ونصيب لا دخل للإنسان فيها. وأعلم أنَّ في طباعي ما لا يروق لصنف من الناس كما أن في طباع صنف من الناس ما لا يروق لي، مهما فعلت وفعلوا.
الله يعلم أنا لا نحبكمُ * ولا نلومكمُ إن لم تحبونَا
كلٌّ له نية في بُغضِ صاحبه * بنعمةِ اللِه نُقليكم وتُقلونَا
لكنَّ أكثر ما يحزنني هو انقلاب المودة إلى تنافر والقرب إلى تباعد. ولا تزال قصص المحبين والأصدقاء السابقين الذين انقلبت محبتهم إلى عداوة وتباغض تزعجني وتحزنني وتروعني، وتترك في نفسي مرارة.
وقد كان لي حظي من ذلك أيضًا. معارف ومودات انقلبت إلى نفرة واجتناب، وأشخاص مقربون انصرفت نفسي عنهم أو انصرفت نفوسهم عني أو انصرفت نفوسنا معًا لأسباب كثيرة. وقد صارت هذه الفكرة واحدة من أهم تيمات كوابيسي المتكررة: أرى في المنام إنسانًا كنت، وما زلت، أتمنى ألا أراه لبقية حياتي.
ولهذا فإذا ما عبر لي صديق عن محبته فإنني دائمًا ما أسأل الله دوام المعروف والمحبة ودوام ستر الله وتجميله إيانا والذي لولاه لما تصاحبنا. متعنا الله وإياكم بالصحبة الصالحة، ووقانا وإياكم شر تقلب القلوب ونسيان الفضل ونكران الجميل والفجور في الخصومة.

المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك.

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  3553