الرئيسية | المتن | كنوز التراث | مختارات | تعريف | ديوان المطالعين | إدارة الموقع  

شروح شواهد الشعر في مغني ابن هشام

مجيد محمد حبريشة

بحث

تاريخ النشر: 2020/04/04
اقرأ للكاتب
كتب الله -عز وجل- لبعض كتب العربية الذيوعَ والانتشارَ ما لم يكتبْه لبعضِها الآخر، والناظرُ في تاريخِ التراثِ العربيّ يجدُ إرثًا كبيرًا تركه لنا الأسلافُ منذ القدم، يجب على البحّاث إحياءُ ما كان منه ذا شأنٍ، وقد فطِن كثيرٌ من علماء القرن السّالف فاشتغلوا بإخراج مئات الكتب إلى النور، بعدما كانت دفينة المكتبات.
ومن بين ما أخرجه المحققون كتبُ النّحو الكثيرةُ، بدءا بكتاب سيبويه إلى يومنا هذا، بيد أنّ هذه الكتبَ كانت متفاوتةَ الانتشار والقبول عند متخصصي العربيّة وآدابها منذ أن ظهرت الطّباعة وانتشرت في بلدان العالم المتفرقة.
وكان لكلّ عصر من العصور السالفة أعلامٌ ألّفوا مصنّفاتٍ في علم النّحو، وممن ألّف من أهل القرن الثامن جمالُ الدين عبدُ الله بن يوسفَ بنِ هشام (761هـ)، قبلها العلماءُ، ولاقت ذيوعًا كبيرًا، وانتشارا سريعًا، منها كتابُه النّفيسُ، الذي وسمه بــ (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب)، وعُدّ هذا الكتاب من أهم الكتب التي اعتنت بإعراب القرآن الكريم، وبدراسة حروف العربية، فأكب كثير من العلماء على شرحه، والكشف عن غوامضه، وقد مدحه صاحبه فقال في مقدمته: "فدونك كتاباً تشدّ الرحالُ فيما دونه، وتقف عنده فحول الرجال ولا يعدونه"، (1/54)، فكان كما قال، ولذا كثُرت شروحه، وأُقيمَتْ على الشروح حواشٍ كثيرةٌ، وربما وُضعت الذّيول كذلك، وقد شرحه العلامة الدّماميني (828هـ)، ثلاث مرات، وكذا فعل السيوطي (911هـ)، شرحه، وشرح شواهده، وترجم لأعلامه، ومنهم من نظمه؛ لتحفظ قواعدُه وأساليبُه العذبَة، واستخرجت شواهدُه القرآنيّةُ في كتابٍ وأُعربتْ.
وقد اعتنى بعض العلماء بشرح شواهده الشّعرية؛ إذ كان للشّاهد النّحويّ حظٌّ وافرٌ في تراث فنون العربية، واهتموا به اهتمامًا كبيرًا منذ القدم، نجد ذلك واضحًا في هذا الكمّ من المؤلفات التي خُصّصت لشواهد العربيّة، نحوًا وصرفًا ولغةً وبلاغةً، ووصل إلينا منها عددٌ غيرُ يسير، من أشهرها شروح شواهد كتاب سيبويه، وجمل الزّجاجي، ومفصل الزمخشري، وشواهد شروح ألفية ابن مالك، ومغني ابن هشام، وغيرها.
وقد حرص القدامى على الشّاهد النّحوي حرصًا شديدًا، وكما هو معروف فالشّاهد يكون من القرآن الكريم، ومن الحديث، ومن كلام العرب شعراً ونثراً، والشّاهد النّحوي برز قديمًا في كتب النّحو ونصّ على أهميته العلماء، يقول الجاحظ: "ومدار العلم على الشاهد والمثل" (البيان والتبيين 1/271). ومعلوم أنّ "عرض القاعدة النّحوية من خلال الشّاهد التراثي بأقسامه الأربعة يفتح أبواباً واسعة من المعارف ... فأنت مع الشاهد التراثي تلتقي بأبنية الأسماء والأفعال وأمثلة الجموع، مقيسها ومسموعها، وغريب اللغة، وهو ما يقابل الواضح منها، وكانوا قديماً يعنون بالغريب عناية فائقة، حتى إنهم ليعدونه عِلماً قائماً برأسه ... ثمّ تلتقي أيضاً بتلك الإشارات التاريخية والجغرافية والكونيّة والاجتماعية المبثوثة في ثنايا الأمثال والأشعار، فأنت موصولٌ بالتراث كله من خلال ذلك الشّاهد النحويّ"، (في اللغة والأدب، مقالات وبحوث، 2/508، مقالات الطناحي رحمه الله) .
وقد جمع بعض الباحثين(1) شروح المغني وكفاني ذكرها هنا، والذي يهمني منها هو شروح شواهده الشعرية للقدامى والمحدثين، وبحمد الله جمعت ما استطعت الوصول إليه، ولم أر من الباحثين من ذكر هذا الذي وصلت إليه كاملًا، وها هو ذا ما وقفت عليه من شروح شواهده:
1 – شرح شواهد المغني، للسيوطي (911هـ). (مطبوع).
2– شرح شواهد المغني، لعبد علي بن ناصر بن رحمة الحويزي البصري (1053هـ)، ذكره الطهراني، ثم قال: "وهو شرحٌ على المغني وشواهده"، (الذريعة إلى تصانيف الشيعة 13/342).
3 - شرح أبيات مغني اللبيب، للبغدادي (1093هـ). (مطبوع).
4 - تحفة الحبيب على شواهد مغني اللبيب، لعبد القادر العيسي الجبالي (1122هـ). منه خمس نسخ في المكتبة الوطنية بتونس، في أربعة أجزاء، ولا يوجد منها إلا نسخة واحدة كاملة، وبقيّتها مبتورة، حققت قسم الحروف منه للدكتوراه في جامعة سيدي محمد بن عبد الله /ظهر المهراز، بمدينة فاس حرسها الله! شمل نصف المخطوط، ثم سُجِّل بقيته في ليبيا للماجستير والدكتوراه، وكرر تسجيل جزء من نصفه الآخر للدكتوراه في السعودية.
5 - كتابة على شواهد المغني، لأبي محمّد حسن بن عبد الكبير بن أحمد الشّريف (1234هــ). (العمر 1/859)، وفي الهامش: "ذكرها السنوسي في المسامرات، استناداً إلى إشارة المترجم في حاشيته على شرح القطر ... وعقب: غير أننا لم نقف عليها"، وينظر معجم المؤلفين التونسيين 3/189.
6 - شرح شواهد المغني، لعبد الله علي القحافي السناوي الشافعي، منه نسخة في دار الكتب المصرية برقم: (10 نحو حليم)، بخط الشارح فرغ منها سنة 1256هـ. وقد اطلعت على هذه النسخة، وهي تقع في ستين لوحة، اقتصر الشارح على استخراج موطن الشّاهد، وقد يذكر بعض أقوال العلماء، وربما أعرب كلمات فيها إشكال، ولم يكن له اعتناء بصاحب الشاهد، ولا بشرح مفرداته.
7 - شرح شواهد المغني، لعبد الله بن إسماعيل الصاوي (1399هـ)، مزجه بشرح المغني، وسماه: شرح المغني وشواهده، لم يكمله، طبعته مطبعة مصطفى البابي الحلبي في مصر سنة (1377هــ). (مصادر الاستشهاد عند ابن هشام ص139).
8 – سحر الأديب في شواهد مغني اللبيب، لمحمد الطالقاني النجفي (1424هـ)، وصل فيه إلى حرف العين. قال الطّهراني: "لم يكمل وإنما وصل فيه إلى حرف العين من الباب الأول، مبحث على. وقد بلغ 195صفحة، وقد أضاف إلى الشّواهد الشّعرية شواهدَ الآيات القرآنية مع تعيين السور، وذكر أوّل وآخر كل آية، وقد فرغ منه إلى المبحث المذكور في الإثنين، الخامس والعشرين من جمادي الثانية سنة 1370ه‍ـ. وعرضه عليّ فسمّيته: سحر الأديب في شواهد مغني اللبيب ". (الذريعة إلى تصانيف الشيعة 13/342).
9 - فتح القريب المجيب إعراب شواهد مغني اللبيب، لمحمد علي طه الدرة (1424هـ) شرح وإعراب، راجعه: محيي الدين الدرويش، (مطبوع). يقع في أربعة أجزاء، طبعته مطبعة الأندلس، دمشق، سنة 1970م.
10 – كمال الأديب بشرح شواهد مغني اللبيب، لمحمّد العسافي (لم أقف على سنة وفاته)، مخطوط غير كامل، منه نسخة في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (4987/خ). (الدليل إلى المتون العلميّة ص543).
11 – شرح شواهد المغني، لمجهول، قال الطهراني: "مطبوع في إيران، لم أعرف مصنفه، وهو في 62 ورقة". ( الذريعة إلى تصانيف الشيعة 13/342).
هذا ما وقفت عليه منها، وقد ذكر محقق شرح المزج (ص38) أنه توجد نسخة من شرح شواهد المغني لمجهول، في دار الكتب المصرية برقم (5911)، وقد زرت الدار، واطلعت على هذه النسخة فظهر لي أنها ليست شرحًا لشواهد المغني؛ إذ فيها أبياتٌ ليست من المغني، وبعد البحث والنظر وصلت إلى أنها شرح لشواهد شذور الذهب؛ إذ كل أبياتها موجودة في الشّذور، وأوّل هذه النسخة شرح بيت المتنبي:
فَالْخَيْلُ وَاللَّيْلُ وَالْبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي
وهو نفسه أوّل كتاب أبيات شذور الذهب لابن هشام، ثم قارنتها بنسخة من شرح شواهد شذور الذهب لأحمد البجائي (كان حيا سنة 1025هـ)، (الشرح المطول) مصورة عن المكتبة الوطنية التونسية برقم (15498)، فإذا هي نفسها، وعليه فإنّ هذا الشرح المجهول المؤلف المسمى بشواهد مغني اللبيب هو شرح شواهد شذور الذهب لأحمد البجائي، وهذا من فضل الله!
وبعد أن اهتديت إلى معرفة صاحب هذه المخطوطة رجعت بعد أيام للدار لأخبرهم عن أمر هذه النّسخة فلم ألقَ عند موظفيها اعتناء؛ شكروا لي هذه الفائدة، ولم يأخذوا أيّ معلومات تخصّ هذا الأمر حتى يردوا نسبة الكتاب لصاحبه في منظومتهم.
_______________
(1) أبرز ما ذكره الدكتور عبد العزيز خلوفة منها ثلاثة وعشرون ذكر هذا في بحثه المعنون بـ (مصادر الاستشهاد عند ابن هشام الأنصاري من خلال مغني اللبيب ص138-140)، نقلا عن تحقيق الباحث عبد الله بن مبارك لغناء الأريب في فهم مغني اللبيب للقزويني. وهذا الذي ذكر أبرزه قليلٌ بالنسبة لما ذكره أستاذي الدكتور محمد خليل الزروق -حفظه الله- في أطروحته المعنونة بـشروح مغني اللبيب إلى آخر القرن الحادي عشر؛ إذ أوصلها إلى ثلاثة وخمسين، ثم قال: "هذا ما عرف مؤلفه وزمنه مما كتب على المغني، وأما ما جهل مؤلفه مما هو في الفهارس والمكتبات -وهو كثير يزيد على مثل شطر المذكور هنا- فقد أضربت عنه، وفي هذا القدر كفاية وغُنية"، ص52.
مرعويه2020/04/04
حياك الله دكتور مجيد،والله بحث جميل ورائع، حفظك الله وأتمنى لك التوفيق وأسأل الله أن يكون هذا البحث باكورة تخلد ذكرك
مجيد محمّد2020/04/05
وحياك وبيّاك أخي الأستاذ مرعويه،
بارك الله فيك

الاسم
رمز التحقق  أدخل الرقم في خانة التحقق  8642